تقول الحكاية التي تعود للثمانينات الميلادية إن دولة خليجية أرادت إسكات أحد الصحفيين بعد أن أزعجها في مطبوعته المهجرية بما يكتبه من آراء معادية للبلد وسياساته، فأوعزت لسفيرها أن يوجه له دعوة لزيارة الدولة، ولبى الدعوة، فتم الاحتفاء به وترتيب مقابلات له مع بعض المسؤولين، والتجول به على بعض المرافق الحيوية، وفي المطار تم توديعه بعد أن سلم حقيبة بداخلها ساعة روليكس ورزمة يسيل لها اللعاب من الدولارات.
وانتظر سفير الدولة المذكورة أن يبدأ مفعول الدولارات على هذا الصحفي بكتابة مقالات المديح والثناء على بلده، إلا أنه لم يفعل، فاتصل السفير عليه مستفسرا عن سر إحجامه عن كتابة ولو مقال لمجاملة البلد الذي لم يقصر معه ودسم شواربه.
فرد الصحفي قائلا: ما دفعتموه هو فقط مقابل سكوتي عن فضايحكم، وإن كنتم تريدون أن أكتب عن بلدكم مديحا وثناء و«تطبيلا» فادفعوا مرة أخرى.
ويبدو أن إدارات بعض أنديتنا الرياضية استفادت من هذه التجربة الحقيقية، فقد شرت «جمل» بعض الإعلاميين بما حمل، دفعة واحدة، أحيانا تحت مسمى «مستشار إعلامي»، وأحيانا بدون مسمى، فقدمت مقابلا مجزيا يشمل كل شيء، أولا سكوت الصحفي عن أخطاء وخطايا الإدارة، وعدم انتقادها نهائيا، وثانيا العمل بكل ما أوتي من «حبر» و«صوت» أن يبرر هذه الأخطاء ويزينها، ويلتمس لها الأعذار والمبررات، وثالثا مهاجمة كل من تختلف معه الإدارة، ولا يهم ما إذا كان من يختلف مع الإدارة من أبناء النادي أو من غيرهم، المهم هو أن يعمل بكل طاقته، ويكرس البرنامج أو الصحيفة التي يرأسها لتلميع رئيس النادي وإدارته والتصويب على خصومها والتشنيع بهم، وهذا يشمل حتى نجوم الفريق ممن يخرج عن طاعة إدارة النادي أو يختلف مع الرئيس لأي سبب. ولهذا شاهدنا بعض الصحفيين والإعلاميين يتخذون بعض المواقف التي استعصت على فهم المتابعين، فتجدهم يدعمون رئيس النادي، وفي ذات الوقت يهاجمون بقية مكونات هذا النادي بدءا من مدرب الفريق ولاعبيه وحتى جمهوره وانتهاء بمن لم ينضوِ تحت عباءة الرئيس من الصحفيين والإعلاميين المحسوبين على النادي.
وهذه الظاهرة هي إحدى وجوه الفساد في أنديتنا ومن مظاهر تبذير أموال النادي التي أدت إلى تحميل بعض أنديتنا مديونات كبيرة، وضعتها على حافة الإفلاس.
وبالطبع لن أطرح أسماء هنا، لكن بوسعكم أن تتلفتوا حولكم، وتستعملوا ذاكرتكم للتعرف على هؤلاء، ولن تحتاجوا لكثير تفكير.